طارق الحميد |
أنان.. وأستاذه الأسد!
من الواضح أن الثورة السورية قد تورطت في السيد كوفي أنان، ومبادراته، وخططه في الشأن السوري، حيث يبدو أنان اليوم وكأنه يسطو على وظيفة وليد المعلم. فما يفعله أنان لإنقاذ الأسد بات يفوق جدية المعلم في فعل ذلك.
فمبادرة أنان الأخيرة تجاه سوريا لا تعني منح فرصة للأسد، بل إنقاذه. فالحديث عن تهدئة الأوضاع تدريجيا «منطقة منطقة» يعني أن أنان يريد تمكين الأسد على الأرض بعد أن باتت فرصه تتضعضع في السيطرة على كل سوريا. والمخيف، والمستفز، هو قول أنان إنه لا بد من جمع السلاح الذي وقع في الأيادي الخاطئة، فهل أنان يريد أن يقول إن المعارضة السورية هي معارضة مسلحة، وإرهابية، كما يقول الأسد دائما؟ مما يعني أن أنان بات يتبنى مواقف الأسد، وخطاباته!
والأخطر من كل ذلك أن أنان يريد الاستمرار في مبادراته من دون سقف زمني، أو وضع مبادراته تحت الفصل السابع بمجلس الأمن، بما في ذلك استخدام القوة، وإلا فلا معنى لأي مبادرات جديدة.
لكن كثيرا من الشك حول مواقف أنان يزول تماما عندما نقرأ بتأمل ما نشرته صحيفة «الأخبار» اللبنانية هذا الأسبوع، حيث قامت بنشر محضر اللقاء الذي جرى بين الأسد وأنان، ثم عادت الصحيفة لتنفيه ثاني يوم، وهو أمر تعودناه من نظام الأسد، والصحف المحسوبة عليه وعلى حزب الله في لبنان، طوال فترة حكم بشار الأسد، حيث يتم تسريب المعلومات عن لقاءات الأسد بضيوفه، ثم يتم القول بأنها أُخذت خارج السياق، أو أن أطرافا في النظام الأسدي يريدون إجهاض ما يريد الأسد فعله، وهي أكاذيب وألاعيب تعودناها كثيرا من النظام الأسدي، وفعلها الأسد يوم روج كذبة الإصلاح أول فترة حكمه بدمشق، وبعد اغتيال رفيق الحريري، وفي كل أزمات لبنان الأخيرة، والعراق، وفعلها كذلك مع زواره السعوديين، والأتراك، والفرنسيين، وغيرهم.
قصة صحيفة «الأخبار» اللبنانية تظهر أنان مستمعا وكأنه تلميذ أمام أستاذه الأسد الذي كان يطرح عليه الفكرة تلو الأخرى، ويبدو مرتاحا، وواثقا، وأنان فقط يتمتم بالإيجاب والإعجاب. والأدهى من كل ذلك هو ما نقل عن استخفاف أنان بالمعارضة السورية في القاهرة، وتوصيفه للثوار السوريين بأنهم مجرد جماعات مسلحة إرهابية مدعومة من الخارج، وكأن ما يحدث في سوريا ليس بكارثة حقيقية، ومجازر، وجرائم تقع بحق الإنسانية، بل إن التقرير نقل عن لقاء الأسد وأنان تهكم طاغية دمشق على السيدة هيلاري كلينتون، والاستخفاف الواضح بدولة قطر. وقد شارك أنان في ذلك حين أبدى تعليقا مستخفا بدولة قطر، كما يوحي التقرير الذي نشر في صحيفة معروف قربها من النظام الأسدي، وحلفائه في لبنان.
ولذا فإن مواقف أنان تجعل المسألة ملحة الآن لإنقاذ السوريين من أنان أولا، وقبل إنقاذهم من طاغية دمشق، لسبب بسيط وهو أن الأسد يقتل، وأنان يبرر، ويسوّف، وعلينا أن نتذكر المقولة الشهيرة التي تقول: «عندما تقتل شخصا واحدا استعن بمحام، لكن عندما تقتل العشرات فاستعن بلوبي، يقوم لك بحملات دعائية»، وهذا ما يفعله الأسد اليوم من خلال نهج أنان.
tariq@asharqalawsat.com
فمبادرة أنان الأخيرة تجاه سوريا لا تعني منح فرصة للأسد، بل إنقاذه. فالحديث عن تهدئة الأوضاع تدريجيا «منطقة منطقة» يعني أن أنان يريد تمكين الأسد على الأرض بعد أن باتت فرصه تتضعضع في السيطرة على كل سوريا. والمخيف، والمستفز، هو قول أنان إنه لا بد من جمع السلاح الذي وقع في الأيادي الخاطئة، فهل أنان يريد أن يقول إن المعارضة السورية هي معارضة مسلحة، وإرهابية، كما يقول الأسد دائما؟ مما يعني أن أنان بات يتبنى مواقف الأسد، وخطاباته!
والأخطر من كل ذلك أن أنان يريد الاستمرار في مبادراته من دون سقف زمني، أو وضع مبادراته تحت الفصل السابع بمجلس الأمن، بما في ذلك استخدام القوة، وإلا فلا معنى لأي مبادرات جديدة.
لكن كثيرا من الشك حول مواقف أنان يزول تماما عندما نقرأ بتأمل ما نشرته صحيفة «الأخبار» اللبنانية هذا الأسبوع، حيث قامت بنشر محضر اللقاء الذي جرى بين الأسد وأنان، ثم عادت الصحيفة لتنفيه ثاني يوم، وهو أمر تعودناه من نظام الأسد، والصحف المحسوبة عليه وعلى حزب الله في لبنان، طوال فترة حكم بشار الأسد، حيث يتم تسريب المعلومات عن لقاءات الأسد بضيوفه، ثم يتم القول بأنها أُخذت خارج السياق، أو أن أطرافا في النظام الأسدي يريدون إجهاض ما يريد الأسد فعله، وهي أكاذيب وألاعيب تعودناها كثيرا من النظام الأسدي، وفعلها الأسد يوم روج كذبة الإصلاح أول فترة حكمه بدمشق، وبعد اغتيال رفيق الحريري، وفي كل أزمات لبنان الأخيرة، والعراق، وفعلها كذلك مع زواره السعوديين، والأتراك، والفرنسيين، وغيرهم.
قصة صحيفة «الأخبار» اللبنانية تظهر أنان مستمعا وكأنه تلميذ أمام أستاذه الأسد الذي كان يطرح عليه الفكرة تلو الأخرى، ويبدو مرتاحا، وواثقا، وأنان فقط يتمتم بالإيجاب والإعجاب. والأدهى من كل ذلك هو ما نقل عن استخفاف أنان بالمعارضة السورية في القاهرة، وتوصيفه للثوار السوريين بأنهم مجرد جماعات مسلحة إرهابية مدعومة من الخارج، وكأن ما يحدث في سوريا ليس بكارثة حقيقية، ومجازر، وجرائم تقع بحق الإنسانية، بل إن التقرير نقل عن لقاء الأسد وأنان تهكم طاغية دمشق على السيدة هيلاري كلينتون، والاستخفاف الواضح بدولة قطر. وقد شارك أنان في ذلك حين أبدى تعليقا مستخفا بدولة قطر، كما يوحي التقرير الذي نشر في صحيفة معروف قربها من النظام الأسدي، وحلفائه في لبنان.
ولذا فإن مواقف أنان تجعل المسألة ملحة الآن لإنقاذ السوريين من أنان أولا، وقبل إنقاذهم من طاغية دمشق، لسبب بسيط وهو أن الأسد يقتل، وأنان يبرر، ويسوّف، وعلينا أن نتذكر المقولة الشهيرة التي تقول: «عندما تقتل شخصا واحدا استعن بمحام، لكن عندما تقتل العشرات فاستعن بلوبي، يقوم لك بحملات دعائية»، وهذا ما يفعله الأسد اليوم من خلال نهج أنان.
tariq@asharqalawsat.com
No comments:
Post a Comment