05 May, 2012

تزوّجوا بأخريات..


تزوّجوا بأخريات..

 
تزوّجوا بأخريات..
الزواج من الحاجات الأساسية التي فُطر عليها الإنسان، وهو ارتباط له أبعاده التي لا تخلو من القدسية في سياق القناعات الإنسانية لتكوين الأسر والوصول الى مرحلة الاستقرار النفسي والذاتي لما يوفره من سكينةٍ وطمأنينة، حيث تستقر الغرائز الطبيعية وتنتظم في سياق شرعي منظم غير مخل بالأخلاقيات والدين والسلوكيات القويمة التي ترقى بالإنسان وتميّزه عن سائر المخلوقات.
وقد اتفقت كافة الديانات السماوية على شرعنة الزواج، لكنها اختلفت في الكيفية وفي بعض الأحكام الخاصة بالانفصال وغيره، ولذلك فالزواج هو الطريقة الوحيدة المباحة لإعمار الأرض والحفاظ على النسل والمساكنة المبنية على المودة والرحمة. والزواج من الأقدار الطبيعية التي يكتبها الله «عز وجل» لعباده (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) ولكن من واقع الأحوال ومتغيّرات العصر أصبح هذا الارتباط ينحدر في الفكرة الإنسانية بصورة لا تتوافق مع مقتضيات السنن الطبيعية.
الزواج مسؤولية اجتماعية تتطلب مقاربات في النظام الاجتماعي تهتدي بالإيجابيات وتوظف السلبيات بتحويرها الى فعل إيجابي يمتص إحباط أولئك الفتيات اللائي قاربن الخمسين وانتهى ربيع حياتهن وهو لم يبدأ
فهناك مَن يجعله عصيًّا على التحقق باشتراطات أقلها من المزاج الذاتي، وهناك مَن يقتدي بمعطيات الشرع فيجعله سهلًا ميسورًا، وقد قرأت منذ أيام مقالًا لزميلي محمد يحيى الشهري يتحدث عن مدرّسة طلبت من رجل تقدّم للزواج منها أن يتزوج من زميلتين معها في العمل واعتبرها زميلي شجاعة، ولذلك سوف أضمّ صوتي لصوته واعتبر ما فعلته بطولة منها، فظاهرة العنوسة من الظواهر التي ينتجها المجتمع آليًا بمبدأ الاشتراطات العصيّة التي تتقاطع فيها عدة أطراف تبدأ بالأب ولا تنتهي بالفتاة نفسها والشباب الذين ينبغي أن يعصموا أنفسهم من الرذيلة بفضيلة الزواج، وإن تزوّجوا حلقوا خارجًا، فيما بنات الوطن جالسات في المنازل وأعمارهن تتسرّب من أيديهن. الزواج مسؤولية اجتماعية تتطلب مقاربات في النظام الاجتماعي تهتدي بالإيجابيات وتوظف السلبيات بتحويرها الى فعل إيجابي يمتص إحباط أولئك الفتيات اللائي قاربن الخمسين وانتهى ربيع حياتهن وهو لم يبدأ، فأسوأ ما في الحياة أن يشعر الإنسان وهو في خريف العمر بالوحدة، غير أن الأسوأ كذلك في تلك الروح الأنانية والإقصائية التي لا تنطوي على أي أبعاد لمفهوم المسؤولية الاجتماعية في الإطار الجماعي، حيث ترفض كثير من الزوجات زواج أزواجهن بأخريات، وفي ذلك حصار غير أخلاقي ذميم لحق الأزواج والأخريات في تكوين شراكة إنسانية فاضلة تضيف الى المجتمع، وإن بدا فيها انتقاص واهم لحقوقهن. ربما يقول البعض إن الظروف الاقتصادية غير مواتية لفكرةٍ من هذا النوع، ولذلك أقول ربما تكون هناك الكثير من الفتيات، موظفات وخريجات جامعيات، لا يضرهن الصرف على بيوتهن فقط، وإنما يردن الزواج من أجل إتمام نصف دينهن، ولذلك أتمنى من الجمعيات الخيرية والجهات الدينية العمل على رفع مستويات الوعي بفكرة الزواج الثاني والتوفيق بين الراغبين فيه.  تخبرني صديقة بقصة زميلتها في العمل، تزوّجت من رجل متزوج بأخرى وقد استأذن من زوجته قبل القيام بهذه الخطوة وكانت بعُذر شرعي للزواج فأذنت له الزوجة، ولكنها تراجعت عن الموافقة بعد أن أتم الرجل زواجه من الأخرى، لا بل هدّدته إذا لم يطلق الأخرى أن يقوم بتطليقها، فقام الرجل للأسف بتطليق الأخرى قبل حفل الزفاف، رغم وجود عقد شرعي فحملت المسكينة لقب مطلقة بلا زواج.
في إحدى روايات نجيب محفوظ يقول إن الزواج يأتي أحيانًا بلا تلميح كما الموت، ولذلك فإن الفكرة القدرية في الأمر يجب أن تكون هي القناعة التي تؤسس لفك الحصار غير الأخلاقي على الأزواج وتحقيق المقاربة الموضوعية بين الشباب والشابات لتأسيس وعي متطور وفقًا للهدي الشرعي في تأسيس عش الزوجية بكل ما فيه من استقرار وطمأنينة

http://www.alyaum.com/News/art/49268.html

http://samotalis.blogspot.com/

No comments: